تكلمنا عن قاعدة انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، وكيف أن الحق سبحانه أعلى من قيمة العدل وجعله مبدأ عام يتجاوز أية صلة فكرية كانت أم عقائدية أو عرقية
ويأتي بديع النفس البشرية لينصب لها الميزان .
من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
إنها قاعدة ذهبية أخرى لضبط إيقاع النفس البشرية ، فهنا الميزان حساس ، ميزان ذري قبل إكتشاف الذرة ليؤكد حقيقة مهمة وهي أن الإنسان مجموعة أفعال وأقوال ونوايا يتأرجح فيها ما بين الطين والروح .
فالحكم الظاهري المنصف للإنسان لابد أن يدرك حقيقة الإنسان بأنه يسبح داخل المسافة التي تفصل الشياطين عن الملائكة يتأرجح لونه ما بين هالة الأنبياء البيضاء حتى الهالة السوداء للجسد عندما تغادره الروح ويعود لحالته قبل نفخ روح الله فيه ، وأن تكون النظرة لكفتي الميزان لنلاحظ رجاحة أحد الكفتين فيكون الحكم المجمل على نسبة الخير إلى الشر .
أما الهوى فعادة ما يجعل النظرة قاصرة على إحدى الكفتين فالمحب يرى الخيرات فيبالغ في قدر المحبوب حتى يجعله أقرب للملاك متناسيا الشرور ومتعاميا عن النقائص
أما المبغض لا يرى غير النقائص ويبالغ في ضيق النظرة حتى يجعل المبغوض أقرب للشيطان .
أما البديع الذي فطر تلك النفس البشرية ووضع لها الميزان فجعل العدل يتجاوز صلة الرحم ويتخطى أخوة العقيدة
وجعل تقييم الإنسان هو محصلة أدائه في الدنيا فمن غلبت حسناته فاز ومن طغت عليه سيئاته خسر ويبقى حكم الخير والشر حكم نسبي ، فكل البشر يشتركون في النوع من شر وخير ويتمايزون في الكم ..
ويبقى الحل الأكيد لضبط إيقاع النفس البشرية هو الميزان الإبداعي الذي أقره البديع سبحانه لنصل للغاية المرجوه ،
اهدنا الصراط المستقيم
ليست هناك تعليقات: